جــولـــــيت مشرف كوري
عدد المساهمات : 3084 مقدار الون : 9633 تاريخ الميلاد : 08/01/1988 تاريخ التسجيل : 16/01/2012 العمر : 36 تعاليق : أنساك كلمة مالها أية وجود ابمرجعي
والقلب لامنه نوا غيرك حبيبي بمنعه ..
تنتابني ذكراك مابين الوعي.. ولا وعي
ما كنك إلا بحر حلمي والمشاعر الأشرعة ...
ــــــــــــــــ *ـــــــــــــــــــــ*ــــــــــــــــــــ*ــــــــــــ
| موضوع: الطبل الفارغ 30/3/2012, 12:44 am | |
| الطــــــــــــــــبل الفـــــــــــارغ
حكاية شعبية شائعة منذ القديم في منطقة الفولغا
كان إميليان عاملا ً يشتغل عند سيد . وبينما هو يعبر مرجا ً ذات يوم في طريقه إلى العمل , كاد يدوس
ضفدعة قفزت أمامه فورا ً , لكنه استطاع ان يتفادى منها . وفجأة سمع صوتا ً يناديه من الخلف .
والتفت اميليان فرأى صبية حسناء , قالت له : لماذا لا تتزوج , يا اميليان ؟ "
قال : " وانى لي أن اتزوج أيتها الصبية الحسناء ؟ ليس لي إلا الثياب التي علي , دون سواها , وما من
صبية تقبلني زوجا ً لها ."
قالت :" أتتخذني أنا زوجة لك ."
فأجب اميليان الصبية , وقال :" يسرني ذلك , ولكن أين وكيف نعيش ؟" قالت الفتاة :" لا داعي للقلق بهذا الشأن . فلن يضطر المرء إلا لأن يعمل أكثر وينام أقل . أما الكساء
والطعام , فالمرء يدبرهما في أي مكان ."
فقال اميليان :" جيد جدا ً ! فأين نذهب ؟"
"لنذهب الى المدينه !"
ومن ثم ذهب اميليان والحسناء إلى المدينة , وأصطحبته الى ضاحيتها , حيث كان كوخ صغير . ثم تزوجا وبدأا يعنيان بشؤون منزلهما .
وذات يوم كان الملك يعبر المدينة بعربته , فمر أمام كوخ اميليان . وخرجت زوجة اميليان لترى الملك .
فلاحضها الملك , وأذهله جمالها , حتى قال: " من أين جاء مثل هذا الجمال ؟"
ثم اوقف عربته , ودعا زوجة اميليان وسألها :" من انت ِ ؟"
فقالت :" زوجة الفلاح اميليان ."
قال الملك : " ولماذا تزوجت ِ من فلاح وأنت ِ باهرة الجمال ؟ ينبغي أن تكوني ملكة ! "
قالت شكرا ًلك على كلامك اللطيف . ولكن زوجا ً فلاحا ً يكفيني ."
وبعدما حادثها الملك حينا ً , مضى في سبيله عائدا ً إلى القصر . ولكنه لم يستطع أن يصرف ذهنه عنها .
فلم يغمض له جفن طول الليل , وظل يفكر كيف يتخذ زوجة اميليان لنفسه . وما استطاع أن يستنبط طريقة
لإتمام ذلك , فأستدعى خدامه وأمرهم بالعثور على وسيلة أو حيلة .
فقال خدام الملك : أصدر أمر بأن يأتي اميليان إلى القصر ليعمل , فثقل عليه العمل حتى يموت , فيخلف
زوجته أرملة , وعندئذ تتخذها زوجة لك ."
وعمل الملك بنصيحتهم . فأصدر أمرا ً بأن يأتي اميليان إلى القصر عاملا ً , ويقيم في القصر ومعه زوجته . فتوجه المبعوثون إلى اميليان وبلغوه رسالة الملك . فقالت له زوجته :" أذهب يا اميليان , واعمل طول
النهار ولكن عد إلى البيت مساء ً ."
فذهب اميليان , ولما وصل إلى القصر , سأله وكيل الملك :" لماذا جئت بلا زوجتك ؟"
قال اميليان :" ولم آتي بها ؟ عندها بيت تقيم فيه ! "
وفي قصر الملك كلف اميليان عمل رجلين . فبدأ عمله وهو يخشى ألا ينهيه , ولكن ما أن حل المساء حتى
كان العمل كله قد انجز . ورأى الوكيل أن العمل قد تم , فعين له أربعة أضعاف للنهار التالي .
مضى اميليان إلى بيته , حيث وجد كل شيء مكنوسا ً ونظيفا ً. كان الموقد مشتعلا ً وعشاؤه مطبوخا ً
وجاهزا ً , وزوجته قاعدة أزاء الطاولة تخيط بأنتظار عودته . فرحبت به وبسطت المائدة وقدمت له طعاما ً
وشراباً , ثم شرعت تسأله عن عمله , فقال :
آه ! عمل رديء ؛ لقد كلفوني ما يفوق طاقتي , وهم يبتغون قتلي بالعمل ! "
فقالت له :" لا يعظك مقدار العمل ! حذار أن تنظر أمامك أو ورائك لترى كم أنجزت أ كم بقي , بل واظب
على عملك فيكون كل شيء على ما يرام ."
وهكذا تمدد اميليان ونام . وصباح الغد عاد إلى العمل , وأشتغل دون أن ينظر حوله ولو لمرة واحدة . وما
أن أقبل المساء , حتى كان العمل قد أنجز كله . ثم أوى اميليان إلى بيته قبل حلول الظلام .
ويوما ً بعد يوم , ضاف خدام الملك عمل اميليان . لكنه كان دائما ً لا ينجزه قبل الأوان , ثم يأوي الى بيته
لينام . حتى انقضى اسبوع , وتبين لهم أنهم لا يستطيعون أن يسحقوه بالعمل القاسي , فحاولوا إعطاءه
عملا ً يقتضي مهارة . ولكن هذا أيضا ً لم يجدهم نفعا ً . فمهما عينوا له من نجارة أو بناء أو تسقيف , كان
ينجزه قبل الأوان , ويذهب إلى كوخه ليبيت الليل مع زوجته . وعلى هذا النحو مر أسبوعان .
ثم دعى الملك خدامه وقال : أتأكلون خبزي ولا تعملون عملي ؟ ها قد مر أسبوعان , وأنتم لم تنجزوا شيئا ً
كما أرى . كنتم في صدد إنهاك اميليان بالعمل , ولكني أستطيع أن أرى من نوافذي كيف يمضي كل مساء
ليأوي إلى بيته وهو يغني منشرحا ً ! أفتنوون أن تسخروا بي ؟
وبدأ خدام الملك ينتحلون الأعذار , قالوا : لقد بذلنا قصارى جهدنا لإرهاقه بالعمل المضني , ولكن لم يكن
شيء صعبا ً عليه , إذ كان ينجز عمله كله كمن يكنس كنسا ً . فما كان من سبيل إلى إنهاكه . ثم عينا له
مهام تقتضي مهارة , وكنا نظن أنه ليس صناع اليدين فيها , ولكنه دبر كل شيء حسنا ً . فأي عمل نكلفه
ينجزه , ولا أحد يدري كيف . لابد أنه يعرف , إما هو وإما زوجته ونحن أنفسنا سئمنا التعامل معه , ونود
لو نجد مهمة لا يحسنها . وقد فكرنا الآن في تكليفه بناء كاتدرائية في يوم واحد ! وإن عجز من ذلك , فعندئذ
تأمر بقطع رأسه لعدم الطاعة.
فأستدعى الملك اميليان , وقال له : أصغ إلى أمري : أبن لي كاتدرائية جديده في الساحة المواجهة لقصري
, وأنجزها قبل مساء غد . فإن أنجزتها أكافئك , والإ أمرت بقطع رأسك !
حالما سمع اميليان أمر الملك تحول ومضى إلى بيته مفكرا ً : ها قد دنت ساعتي ! . وما إن وصل كوخه
حتى قال لزوجته : أستعدي يا زوجتي ! علينا أن نهرب من هنا وإلا هلكت بعلة ليست مني .
فسألته : ماذا أخافك هكذا ؟ ولم ينبغي أن نهرب ؟
" وكيف لا أخاف ؟ لقد أمرني الملك بأن أقوم , غدا ً وفي نهار واحد , ببناء كاتدرائية . وإن أخفقت , يقطع
رأسي . فليس أمامنا إلا أمر واحد نعمله , ألا وهو أن نهرب ما دام الوقت يسمح لنا "
ولكن زوجته أبت أن تنصاع له , وقالت : "عند الملك عسكر كثيرون . وسوف يقبضون علينا في أي مكان
. فلا يمكننا الإفلات منه , بل ينبغي أن نطيعه ما دامت فينا قوة "
" وكيف أطيعه والمهمة فوق طاقتي ؟"
" ايه يا طيب !لا يكتئب قلبك . تعش الآن , وأخلد إلى النوم. ثم أنهض باكرا ًفي الصباح , وسينجز كل
شيء !" فتمدد اميليان ونام . وفي صباح الغد أيقضته زوجته باكرا ً , قالت له : " أذهب بسرعة وأنجز الكاتدرائية .
إليك مسامير ومطرقة ؛ فقد بقي من العمل ما يكفي ليوم واحد !.
ذهب اميليان إلى المدينة , ووصل ساحة القصر , فأذا أمامه كاتدرائية ضخمة غير مكتملة تماما ً . فشرع
اميليان يعمل لإنجاز ما بقي ؛حتى إذا حان المساء كان كل شيء قد كمل .
عندما أستيقظ الملك , تطلع من قصره فرأى الكاتدرائية , و اميليان يجول ويدق المسامير هن وهناك . فلم
يسر الملك بإنجاز الكاتدرائية , فقد انزعج لعدم تمكنه من الحكم على اميليان وسلبه زوجته . فدعا خدامه
من جديد ,وقال لهم : " لقد أنجز اميليان هذه المهمة أيضا ً وليس من عذر لإعدامه الحياة حتى هذا العمل لم
يكن أصعب من أن يقوم به ! عليكم أن تهتدوا الى حيلة أدهى , وإلا قطعت رؤوسكم مع رأسه ."
فارتأى خدام الملك أن يؤمر اميليان بصنع نهر حول القصر وفيه سفن مسافرة . وأستدعى الملك اميليان
وكلفه هذه المهمة الجديدة قائلا ً :
" أن أستطعت بناء كاتدرائية في ليلة واحدة , ففي وسعك أن تفعل هذا أيضا ً . غدا ينبغي أن يكون كل شيء
منجزا ً وإلا أمرت بقطع رأسك ."
اكتأب اميليان أكثر من ذي قبل , وعاد إلى زوجته كسير القلب .
فقالت له :
" لماذا أنت حزين هكذا ؟ هل عين لك الملك مهمة جديدة ؟"
فأطلعها اميليان على الأمر , وقال : " ينبغي أن نهرب "
ولكن الزوجة أجابت : " لا مفر من العسكر . سوف يقبضون علينا اينما ذهبنا . ما باليد غير الطاعة !"
فدمدم اميليان : " وكيف اصنع نهرا ً وسفنا ً ؟"
قالت : " إيه يا طيب ! لا يكتئب قلبك . تعش الآن ونام . ثم انهض باكراً , وسينجز كل شيء في أوانه ."
فأضطجع اميليان ونام . وفي الصباح أيقضته زوجته قائلة : أذهب الى القصر فكل شيء معد . إنما بقيت
كومة تراب صغيرة بقرب الرصيف قدام القصر , فخذ مجرفة وسوها . "
ولما استيقض الملك رأى نهرا ً حيث لم يكن نهر , والسفن مسافرة فيه ذهابا ً و إيابا ً , واميليان يسوي
كومة بالمجرفة . فتعجب الملك , إلا أنه لم يسر لا بالنهر ولا بالسفن , أذ اغتاض جدا ً لعدم قدرته على
إصدار حكم إعدام على إميليان . وفكر برأسه : ليس من مهمة يعجز اميليان عن تدبيرها فما العمل ؟ ثم
استدعى خدامه من جديد واستشارهم قائلا ً
" جدوا لي مهمة يعجز اميليان عن إنجازها . فمهما خططناه نفذه , ولا يسعني أن آخذ زوجته منه "
فتفكر خدام الملك وتدبروا , حتى أنفتقت لهم حيلة . فجاءوا إلى الملك وقالوا : " استدع اميليان وقل له : "
أذهب إلى حيث لايُدرى , وعد حاملا ً ما لا يعرف ؛ " فعندئذ لا يقوي على الأفلات منك . فأينما ذهب ,
يمكنك أن تقول له إنه لم يذهب إلى المكان الصحيح ؛ ومهما أحضر يمكنك أن تقول إنه ليس الشيء
الصحيح . ومن ثم تستطيع أن تأمر بقطع رأسه ويمكنك أن تأخذ زوجته ."
سر الملك وقال : " يالها من حيلة محكمة ! " ثم استدعى اميليان وقال له
" إذهب الى حيث لا يدرى , وعد حاملا ً ما لا يعرف فأن اخفقت قطعت رأسك ."
رجع اميليان الى زوجته , وأخبرها بما قال الملك ففكرت زوجته حينا ً ثم قالت : " لقد علمو الملك كيف يوقع بك . فعلينا الآ ان نتصرف بأحتراس ! "
ثم قعدت تفكر هنيهة بعد , وأخيرا ً قالت لزوجها : عليك أن تذهب الى مكان بعيد , إلى جدتنا , الفلاحة
العجوز أم العسكر , وتلتمس معونتها فأن أعنتك بشيء فأذهب به إلى القصر توا ً وأنا أكون هناك لا سبيل
لي الآن . سوف يأخذونني عنوة ، ولكن لن يطول بقائي عندهم فأن عملت تماما ً بما تهديك اليه الجدة ,
فسوف تنقذني سريعا ً ."
وهكذا جهزت الزوجة زوجها للرحلة . أعطته محفظة ومغزلا ً أيضا ً
وقالت له :" أعط الجدة هذا . فبهذه العلامة تعرف أنك زوجي . " ثم شيعته فانطلق "
مضى اميليان في سبيله مخلفا ً المدينة وراءه حتى وصل الى حيث الجنود يدربون وبعد التدريب , قعد
الجنود يستريحون . فقصد اميليان اليهم وسألهم :" يأخوان هل تعرفون الطريق إلى حيث لا يدري ,
وسبيل الحصول على ما لا يُعرف ؟ "
فأصغى الجنود مدهوشين , وقالوا :" من أرسلك في هذه المهمة ؟"
قال : " الملك " فقالوا : منذ يوم أصبحنا جنودا ً ونحن نذهب إلى حيث لا يُدرى وحتى الآن لم نصل إلى هناك قط ؛ كما أننا
نلتمس ما لا يُعرف ولا نقدر أن نعثر عليه . فليس في وسعنا أن نساعدك . "
لبث اميليان مع الجنود حينا ً , ثم مضى في سبيله من جديد , وقطع كيلومترات كثيرة ومجهدة , حتى وصل
أخيرا ً إلى غابة . كان في تلك الغابة كوخ , وفي ذلك الكوخ قعدت أمرأة عجوز بدا عليها ثقل السنين
الكثيرة , هي أم العسكر الفلاحين , وكانت تغزل الكتان وتبكي . وفيما هي تغزل , ما كانت تقرب أصبعها
إلى فمها لتبللها بريقها بل الى عينيها لتبللها بدموعها . ولما شاهدت العجوز اميليان , صاحت به : " لم أتيت
إلى هنا ؟" عندئذ أعطاها اميليان المغزل , وقال لها إن زوجته قد أرسلته اليها .
وفي الحال لانت العجوز , وبدأت تستفسره . فروى لها اميليان سيرة حياته كلها : كيف تزوج الصبية
الحسناء ...... وكيف أمره الملك الآن بأن يذهب إلى " حيث لا يُدرى ويعود حاملا ً ما لا يُعرف "
ظلت العجوز تصغي إلى الأخير وكفكفت دمعها . وتمتمت قائلة لنفسها : " يقينا ً آن الأوان ." ثم قالت
لإميليان : طيب , يا بني . أقعد , وسأعطيك ما تأكله . "
فأكل اميليان , ثم علمته الجدة العجوز ما يفعل . قالت :" إليك كبكوب الخيوط هذا , دحرجه أمامك واتبعه
حيثما ذهب . عليك أن تمضي بعيدا ً حتى تصل إلى البحر مباشرة . وعندما تصل إلى هناك , ترى مدينة
كبيرة . فأدخل المدينة واطلب مبيت ليلة في أقصى بيت هناك ., ثم ترقب الحصول على ما تبتغيه ."
فسألها : " وكيف أعرفه عندما أراه , يا جدتاه ؟ "
" عندما ترى شيئا ً يطيعه الناس أكثر مما يطيعون أبا ً أو أما ً فذلك هو . فأقبض عليه واحمله إلى الملك .
وحين تحمله إلى الملك , يقولون لك إنه ليس الشيء الصحيح , فعليك أن تجيب " إن لم يكن الشيء الصحيح
فينبغي أن يحطم ؛ ويجب أن تضربه وتحمله إلى النهر وتحطمه تحطيما ً ثم ترميه في النهر . عندئذ تستعيد
زوجتك , وتجف دموعي ."
ودع اميليان الجدة , وبدأ يدحرج كرة الخيوط أمامه .فتدحرجت وتدحرجت , حتى وصلت البحر
أخيرا ًوعند البحر كانت مدينة كبيرة , في أقصاها بيت كبير . هناك طلب اميليان مبيت ليلة . فأذن له
فأضطجع ونام , وفي الصباح سمع أبا ً يوقض أبنه كي يذهب إلى الغابة ويقطع حطبا ً للموقد . لكن الأبن
ابى أن يطيع وقال :" الوقت باكر جدا ً وما زلنا في متسع منه ." ثم سمع اميليان الأم تقول : " أذهب يا
بني , فعضام أبيك تؤلمه . أتريد أن يذهب هو بنفسه ؟ آن أوان النهوض !"
لكن الأبن تمتم بضع كلمات أخرى , وعاد يغط في سباته . وما كاد ينام قليلا ً , حتى دوّى وهدر شيء في
الشارع . فهب الأبن واقفا ً , وارتدى ثيابه مسرعا ً , وركض خارجا ً إلى الشارع . وهب اميليان أيضا ً
واقفا ً , وركض وراءه ليعرف ما ذلك الذي يطيعه أبن أكثر من أطاعة والديه . فكان ما رأه رجل يسر
على قارعة الطريق وهو يحمل برباط على بطنه شيئا ً يضربه بعصوين , وأدرك أنه ذاك هو ما دوّى
وهدر , وما أطاعه الأبن . فركض اميليان وألقى نظرة على ذلك الشيء , فرأى أنه كان كبرميل قصير
صغير شد ّ جلد على كلا طرفيه , وسأل ماذا يسمى , فقيل له أنه طبل "
" افارغ هو ؟"
نعم هو فارغ !
فدهش اميليان وطلب أن يعطى ذلك الشيء , فلم يُعطه . فكف اميليان عن الطلب , ولحق بالطبال , تابعا ً
إياه النهار كله , حتى اذا أستلقى لينام أخيرا ً , فخطف اميليان الطبل منه وراح يعدو به .
ضل اميليان يركض ويركض , حتى رجع أخيرا ً إلى بلدته , وذهب ليرى زوجته , ولكنها لم تكن في البيت
. إذ كان الملك قد أخذها في اليوم التالي لرحيل اميليان . فتوجه للقصر , وبعث إلى الملك برسالة تقول إن
من ذهب إلى حيث لا يُدرى قد عاد حاملا ً ما لا يُعرف .
فبلّغ الملك , فقال إن على اميليان أن يرجع في الغد . لكن أميليان قال : " قولوا للملك إنني ههنا اليوم , وقد
عدت بما أراده الملك , فليخرج إلي أو أدخل إليه !"
فخرج الملك وقال :" إلى أين ذهبت ؟ "
فأخبره اميليان بما كان .
لكن الملك قال :" ليس ذلك هو المكان الصحيح . فبم أتيت ؟"
" فأشار اميليان إلى الطبل , ولكن الملك لم ينظر إليه , بل قال :
" ليس هذا هو الشيء الصحيح ."
فقال اميليان :" إن لم يكن هو الشيء الصحيح , فيجب أن يحطم , وليأخذه أبليس ! "
وغادر اميليان القصر , حاملا ً الطبل وقارعا ً إياه . وإذ قرع الطبل ركض جنود الملك كلهم يتبعونه . وأخذ
وا يحيّون منتظرين أوامره .
أما الملك , من وراء نافذته , فأخذ يصيح بجنوده آمرا ً إياهم بالأيتبعوا اميليان . إلا أنهم لم يصغوا اليه بل
تبعوا اميليان .
ولما رأى الملك ذلك , أصدر أمرا ً بإرجاع زوجة اميليان إلى زوجها وأرسل طالبا ً من اميليان إعطائه
الطبل .
فقال اميليان :" ذلك غير ممكن ! فقد قيل لي أن أحطمه وارمي به في النهر "
وهكذا نزل اميليان إلى النهر حاملا ً الطبل , والجنود يتبعونه , ولما بلغ ضفة النهر , حطم الطبل تحطيما ً
, ورمى الحطام في مجرى النهر وعندئذ ولّى الجنود هاربين .
فأخذ اميليان زوجته واصطحبها إلى كوخهما , وبعد ذلك كف الملك عن إزعاجه , فعاش الزوجان من ثم
عيشة سعيدة .
تـــــولستوي | |
|